اذا كنا نتحدث عن الانسانية ومدى درجاتها عند انسان وآخر، فنحن حتما نتحدث عن تصرفاتنا مع الآخرين ومدى تقديمنا المساعدة لهم. وافقت سوزان وايتمان هلفقوت على التبرع بوجه زوجها جوزيف الذي فارق الحياة أثناء خضوعه لعملية جراحية لزراعة القلب. فقد تسامت سوزان على جراحها عندما تبرعت بسخاء بوجه زوجها الراحل لرجل تعرض وجهه لتشويه مخيف إثر سقوطه على مسار للقطار.
سوزان وايتمان وزوجها جوزيف |
بعد سنوات من الفرح خيمت سحابة سوداء على سماء الأسرة باعتلال صحة جوزيف حيث أصيب بمرض في القلب لم تفلح معه جميع الجهود التي بذلها الأطباء حيث باءت محاولتهم بالفشل في علاج ذلك المرض الذي سبق أن أودى بحياة والده وشقيقته.
وبعدما ثبت لدى الأطباء في مستشفى برايهام والنساء العالمي الشهير في بوسطن بما لا يدع مجالاً للشك أن الطريقة الوحيدة لبقاء جوزيف على قيد الحياة تتمثل في خضوعه لعملية زراعة القلب، عمدوا إلى إدراجه على قائمة انتظار المتبرعين – بيد أن من دواعي الأسف أن جوزيف البالغ من العمر 60 عاماً دخل بعد العملية في غيبوبة فارق على إثرها الحياة.
بعد ذلك تقدم أحد منسقي زراعة الأعضاء إلى سوزان طالباً منها التبرع بأعضاء زوجها وتحديداً الوجه - فوافقت على طلبه على الفور مستصحبة المعاناة التي عايشوها في انتظار من يتبرع لهم. أيضاً كانت هذه هي رغبة جوزيف. تحدثت سوزان أيضاً لابنيهما بنيامين وجاكوب بالإضافة إلى كل من جون وإيملي ابن وابنة جوزيف من زواج سابق فوافق الجميع على المضي قدماً في التبرع.
سوزان وجيمس ماكي بعد العملية |
وبالفعل أجريت العملية التي استغرقت 18 ساعة وتكللت بالنجاح الذي أدخل الفرحة على ساينثيا زوجة جيمس وابنته جيسيكا وبرغم أن من المقرر أن يظل المتبرع والمتبرع له طي الكتمان فإن صحافياً محلياً هو الذي جمع بينهما.
وقد ألفت سوزان كتاباً عن تجربتها أسمته "المطابقة" وهو يتطرق لحياة الرجلين المتبرع والمتبرع له وسعي جيمس للتأقلم مع ظروف حياته إثر عودته من الحرب في فيتنام وكذا تجربة الجراح بودهان من يوغسلافيا السابقة فضلاً عن رحلة حياة جيمس بطبيعة الحال.
يذكر أن أول عملية زراعة جزئية لوجه إنسان أجريت في نوفمبر 2005م لامرأة فرنسية تسمى إيزابيلا دينوار والتي ما زالت تتمتع بصحة جيدة رغم معاناتها من بعض المشاكل المتعلقة بجهاز المناعة لديها. وغالباً ما يكون المستفيدون من الأعضاء المتبرع بها هم من تعرضت وجوههم للتشويه نتيجة لوقوع حادث أو حروق أو أمراض أو عيوب ولادية.
في مثل هذه العمليات يقوم الأطباء بإزالة العضلات والأعصاب والبشرة والعظم من وجه المتبرع وزرعه جراحياً في جسم المتلقي. وعملية الزراعة لا تعطي المتلقي نفس شكل المتبرع بسبب اختلاف النسيج العضلي والعظمي لكل منهما عن الآخر.
جيمس ماكي قبل وبعد الحادث
جيمس ماكي بعد اسابيع قليلة من العملية (يسارا) واليوم (يمينا)