 | الصداقة.. صحة جيدة وسعادة | | تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم عدد أكبر من الصداقات، ويقضون معهم وقتاً أطول هم أكثر سعادة من غيرهم الذين يأخذون العمل وتأسرهم المشاغل والهموم. ويؤكد الباحثون على أن الصداقة تعتبر مصدراً أساسياً من مصادر السعادة الحقيقية، ولا تقل أهمية عن السعادة التي تولدها الحياة العائلية، وتزداد أهمية الصداقة مع التقدم بالعمر.
وإذا ما تساءلنا بيننا وبين أنفسنا ما حاجتنا للأصدقاء، طالما أن لدينا أفراداً عديدين يحيطون بنا في كل من البيت كأفراد العائلة، والعمل كالزملاء. ويرجع الباحثون الجواب إلى أن الصديق يوفر الدعم الاجتماعي من جهة والإرشاد، والمساعدة المادية، لأن العلاقة مستمدة من الثقة المتبادلة بين الطرفين، حيث يمكن لشخص ما البوح بأسراره لصديقه، ولكنه لا يمكنه القيام بذلك مع أحد أفراد أسرته، ولا حتى زوجته، أو زملاء العمل. إضافة إلى ذلك فإن الروابط المشتركة بين الأصدقاء تجعلهم يقضون وقتاً ممتعاً حتى لو كانت خيمة الحزن تخيم فوق الرؤوس.
ولنتساءل، هل لدينا أصدقاء حقيقيون؟ ولماذا تغيرت المفاهيم؟ ولماذا سرعان ما تتحطم العلاقات الاجتماعية كالصداقة على صخرة الواقع؟ وهل نحسن اختيار الأصدقاء، ونحافظ على هذه العلاقة؟ تساؤلات عديدة ينبغي أن تطرق ذهن كل واحد منا، لمراجعة حساباته على الصعيد الاجتماعي والإنساني.
وليقف كل واحد منا وقفة الجريء أمام مرآة ذاته، متسائلاً لماذا باتت المنفعة والمصالح هي المحرك الأساسي للعلاقات السائدة؟ ولماذا تنتهي العلاقة لدى انتهاء المصلحة؟ ولماذا نمحو من ذاكرتنا أسماء أشخاص كانت تربطنا بهم علاقات جميلة، وربما نحافظ على أرقامهم في ذاكرة هواتفنا المتحركة، أو نستبدلها بأرقام هواتف جديدة؟
الصداقة علاقة سامية وضرورية لتحقيق التوازن الصحي النفسي المطلوب، فهي تمنحنا المزيد من المشاعر الإيجابية والرضا عن الحياة، في وقت باتت المشاعر السلبية تحطم حياتنا. والصديق ـ كما هو معروف ـ وقت الضيق، وقد يكون الضيق ناجماً عن البيت أو العمل، والصديق وحده هو الذي يقف بجانب صديقه المتعب.
فلنحاول مع بداية العام الجديد أن نعيد ترتيب حساباتنا، ونختار الأصدقاء الأوفياء، ونوطد علاقتنا بهم من أجل مزيد من التماسك في مواجهة الأزمات التي باتت تعصف بنا من كل حدب وصوب، ومن أجل تحقيق التوازن المطلوب، والشعور بالرضا عن الحياة فالصداقة من أهم مصادر السعادة التي قد لا نشعر بأهميتها إلا بعد فقدانها. |