 | الاكتئاب ينافس القلق في تكرره | | تزخر حياة كل منا بالسعادة والتعاسة. فالتحدي والإثارة، يطلقان شرارة السعادة، ولكن هذه الأخيرة يمكن أن تصبح "توترا عصبيا" عندما يزداد الضيق النفسي والقلق. أما الراحة والاسترخاء فيؤديان إلى التعاسة، ولكن هذه الأخيرة تستطيع أيضا أن تصبح زائدة عن الحد وتؤدي إلى السأم أو اللامبالاة. ولكن الأمور الأكثر إزعاجا هي فترات التعاسة القاسية أو المستمرة؛ وبعيدا عن كونها عادية أو طبيعية فهي تمثل الاكتئاب السريري.
إن الاكتئاب ينافس القلق في تكرره، وخطره وظواهره البدنية والنفسية المتعددة الأشكال. فنحن لا نعيش حاليا في عصر القلق فحسب، بل في عقود الاكتئاب أيضا.
الاكتئاب والقلق يمثلان ردا مبالغا فيه أو "سيئ التكيف" على الخطر الذي يمكن أن يكون حقيقيا أو متخيلا. والاكتئاب بحد ذاته يمثل ردا مبالغا فيه أو سيئ التكيف على الخسارة التي يمكن أن تكون حقيقة أو متخيلة. وإن النموذج الأولي للقلق هو الخوف وللاكتئاب هو الحزن.
والاكتئاب شأنه شأن القلق، يصيب الشخص كله بما فيه العقل والجسم. وهو أي الاكتئاب، يتراوح، على غرار القلق أيضا، بين الخفيف والثقيل أو الكبير. وكذلك، فإن الاكتئاب يتسم، مثله مثل القلق، بأعراض قد تكون نفسية أو بدنية. وعلى غرار القلق، فإن الاكتئاب لا يعرف غالبا من قبل المصابين به، والأقرباء، والأطباء.
يمكن أن تفهم الأعراض العاطفية للاكتئاب بوصفها نوعا من المبالغة في الأمزجة الكئيبة أو "التعيسة" التي نمارسها باعتبارها ردود فعل على الخيبة أو الخسارة. ولكن الاكتئاب السريري يذهب إلى أبعد من ذلك.
فالمصابون به يفتقرون إلى احترام الذات. وهم يشعرون بفقدان الأمل والمساعدة والتقدير. والتشاؤم لديهم أمر عام كما أن الاتهام أو الشعور بالذنب أمر مألوف. وإن فقدان الاهتمام بالعالم أو البيئة المحيطة يؤدي إلى جعل الناس المكتئبين معزولين، ومنسحبين من الاتصالات المهنية والاجتماعية. والاكتئاب يخل بالقدرة على التركيز وحصر الاهتمام في ناحية معينة. |