باستخدامك موقع شايف نت تكون موافق على سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع
'عقار عرقي' لمعالجة الامريكيين السود
10/11/2004

تستعد السلطات الطبية في الولايات المتحدة للترخيص باستخدام دواء جديد مثير للجدل لعلاح القلب، لأنه يوجه للمرضى السود فقط! وقد اثارت التجارب التي اجريت على هذا العقار نقاشا حادا حول دور الجنس واللون والصفات الوراثية في العلاج الصحي. وقد اعلنت شركة شركة "نيتروميد" في ماساشوستس، في تموز الماضي عن ايقافها لاختبارات سريرية يشارك فيها اكثر من الف مريض مصابين بإمراض قلب، قبل انتهاء موعدها.

وكانت تلك الاختبارات تشكل المرحلة الثالثة الحاسمة التي تعتبر الاخيرة قبل التصريح بإستخدام الدواء. وتحتمل النهاية المبكرة لتجربة عقار طبي ما، أمرين لا ثالث لهما، اما نبأ سيئ للغاية او جيد للغاية. وفي هذه الحالة، كانت الاخبار في غاية الجودة، فالمعلومات الخاصة بـ عقار "باديل" BiDil للقلب الذي طورته الشركة اصبحت «مقنعة» طبقا للذين يشرفون على التجربة، بحيث اصبح "من غير الاخلاقي" منع العقار عن المرضى الذين يتعاطون العقار الوهمي.

* عقار للسود

الا ان هناك عاملا اخر يجعل هذا العقار غير عادي، فكل المرضى الذين يشاركون في التجارب والاختبارات على هذا العقار في اكثر من 170 مركزا طبيا في جميع انحاء اميركا من السود. ويعني ترخيص ادارة الاغذية والعقاقير ان "باديل" سيمنح فقط للمرضى السود. وبالتالي فإنه سيصبح اول "عقار اثني او عرقي" وعلاج مخصص لجنس معين، في هذه الحالة للاميركيين الافريقيين، الذين يعانون من عجز متوسط الي حاد في القلب.

والموضوع في غاية الحساسية، فقد كشفت الابحاث في جامعة لندن ان كفاءة وسلامة 29 عقارا طبيا تختلف من جماعة عرقية لأخرى. والقائمة تضم الكثير من العقاقير الطبية المعروفة، مثل دواء "وورفارين" المخصص لمنع تجلط الدم، حيث تختلف الجرعة المثالية طبقا للانتماء العرقي، وعقار "انترفيرون" الذي تنخفض الاستجابة له بين الاميركيين الافارقة، والانسولين  حيث اظهر الهيسبانيون (من اصول لاتينية) والافارقة درجة حساسية اقل من الأوروبيين.

وقد رحب البعض بـ"باديل" لتضيق الفروق الصحية بين البيض وغير البيض، اذ ان معدل احتمال اصابة الاميركيين الافارقة بإمراض القلب هي ضعف معدلاتها بين البيض، واحتمالات وفاتهم بإمراض القلب اكثر احتمالا من البيض. وقد ايدت جمعية اطباء امراض القلب السود في اميركا، على سبيل المثال، دراسة "نيتروميد" واعتبرت "باديل" عاملا تصحيحيا لنسبة الوفيات العالية بين الاميركيين الافارقة الذين يعانون من حالات معينة من امراض القلب. واعرب الدكتور مايكل لوبرغ رئيس شركة "نيتروميد" عن تفاؤله من منح ترخيص وكالة الاغذية والعقاقير للدواء الجديد في العام المقبل. واضاف "ان العقار في يد الوكالة الآن، ولكننا نشعر بالسعادة".

* اعتراضات جوهرية

غير ان البعض الاخر يعتبر ان دراسة "باديل" ضلت طريقها، بل وانها خطيرة. الاعتراضات متعددة، فلون الجلد الذي ينطبق عليه تعبير "الاسود" واسع النطاق. ولذا فإن لون الجلد ربما لا يكون مؤشرا يعتمد عليه في الامور الصحية. وفي الوقت الذي يبدو فيه الانتماء العرقي عاملا مهما من الناحية الوراثية، أي ان جماعات عرقية معينة تعاني من امراض معينة، فإن لون الجلد يمكن ان يكون وسيلة خاطئة لقياس الانتماء العرقي.

وبينما تعتبر محاولات تضييق الهوة الصحية بين الاجناس المختلفة امرا جيدا، فإنها تخاطر بإبعاد الانظارعن الاسباب المعقدة لهذه الهوة، علي سبيل المثال التغذية والبيئة والظروف الاجتماعية الاقتصادية. وقد انتقد الدكتور جوناثان كاهن مساعد استاذ القانون في جامعة هاملاين بمنيسوتا وخبير في مجال الاخلاقيات البيولوجية في مقال نشره اخيرا تاريخ "باديل" وعواقبه في مجلة السياسة الصحية والقانون والاخلاقيات.

واضاف كاهن «انه لأمر عظيم ان يبدو هذا العقار واعدا بهذه الدرجة، ولكن التجارب التي اجريت عليه طبقت فقط على الافارقة الاميركيين، ولذا فهو لا يقدم لك معلومات بالنسبة للاجناس الاخرى.