 | | | يتميز البشر بالنطق وبه يتوصلون إلى التفاهم ونشر العلم ولا شك أن الكلام المفيد صفة العاقل إذ لسان العاقل وراء قلبه وقلب الأحمق وراء لسانه. والإنسان كائن ذكي لا يدخر أي وسيلة إلا ويستعملها في مجال علاقاته الإنسانية والاجتماعية مع الآخرين بغية تحقيق أهدافه وطموحاته وكسب قلوب الآخرين ومودتهم.
ومن بين تلك الوسائل يلعب الصوت دوراً أساسياً في بناء هذه العلاقات، وتقوية روابط المودة كما يرى موقع (شبكة النبأ)، والمقصود به هو الصوت المعبر عن المعنى الحقيقي والمقصود للألفاظ..الذي ينبع من القلب فيمس شغاف قلوب الآخرين، من استهوائهم والنفاذ إلى نفسياتهم وإمكانية التأثير فيهم.
فلا ريب أن من بين الأسباب المهمة في عجز الناس عن حسن المعاشرة، هذه الحقيقة المجهولة على ما يبدو، وهي أن لهجة الصوت كثيراً ما تنقل معنى يناقض المعنى الذي نوّد أن تنقله الألفاظ التي نقولها.
والألفاظ في اللغة العربية شأنها شأن معظم اللغات الأخرى تؤدي معاني مختلفة بحسب حالة الصوت، من العلو أو الاعتدال، أو الخفوت، بل الواقع أن الناس يمتعضون مما تنطوي عليه اللهجة من المعنى، أكثر مما يمتعضون من المدلول الحرفي للألفاظ، فنقول مثلاً (إني لم أعنِ هذا) ويكدرنا أن يساء فهم ما نقول أكثر ما يكون سوء استعمال الصوت في العبارات الظريفة التي تشف عن الملل والكراهية.. انظر كيف تراك تقول: (من فضلك) و(أشكرك) و(أهلاً وسهلاً) أتراك تقولها كأنها ألفاظ تعودها اللسان حين تلقى من تلقى من الناس. أم تلقيها ألفاظاً نابضة نابعة من القلب، لتحدث المودة بينك وبين من تلقى من الناس؟
ومن الناس من إذا سمعته يقول لك بغير إخلاص (ما أجمل ذوقك) أو (كيف حالك) أحسست كأنه يخاطب نكرة لا يعرفك ولا تعرفه، وربما أحسست كأنه يخاطب جماداً لخلو نظرته من بريق المعرفة وخلوّ صوته من نبرة تدل على بعض المودة.
وصوت الفتيات الذي تحتفظ به بعضهن إلى الكهولة، وصوت (مشاغل اليوم) الذي ينقل عمل اليوم إلى مائدة العشاء، أو يجيء بمكتب العمل إلى البيت، والصوت في حالة الغضب.. فلو ترجمت الألفاظ التي نسمعها من الغاضب لتعرف المعاني الصحيحة التي يكشف عنها الصوت. |