باستخدامك موقع شايف نت تكون موافق على سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع
اولادنا يتخطون ازمة الحرب النفسية
03/08/2006

في استطلاع لموقع فرفش بين مجموعة من الاهالي من مختلف قرى الوسط العربي التي تعاني حاليا من وضع الحرب، تبين ان الاولاد باجيالهم المختلفة يظهرون اختلافا في التصرفات والحالة النفسية. تصرفات الاولاد الجديدة هي ليست حالة مرضية، انما هي حالة خاصة من المهم ان ينتبه الاهل لها ويعملوا ما في وسعهم من اجل تخطي اولادهم لهذه المرحلة الصعبة بسلام نفسي.

الأخصائية فاتن كامل

ما هي الطريقة الصحيحة لعلاج هذا الموضوع الشائك؟.. وماذا نقول لاطفالنا عن الحرب؟.. ماذا نجيبهم عندما يتوجهوا الينا باسئلتهم الكثيرة المتواصلة التي قد تكون الاجابة على بعضها سهلة وعلى البعض الآخر صعبة ومحيّرة؟.. هل نسمح لهم بالبكاء والتعبير عن خوفهم او ننهرهم اذا ضعفوا؟.. هل نصارح اطفالنا بكل الحقيقة عن وضع الحرب والاخطار التي من الممكن ان تصيبهم وتصيبنا؟.. ام نخفي عنهم الحقيقة؟ هل نسمح لهم بمشاهدة التلفزيون مع الكبار؟... فرفش توجه الى السيدة فاتن كامل - اختصاصية نفسية علاجية وتربوية ، لتلقي استشارتها حول كيفية التعامل مع الاولاد في هذه الفترة وفترة ما بعد انتهاء الحرب.

هل يجب مصارحة الاولاد بحقيقة الوضع السائد؟

هناك من الاولاد من يبالغون برد فعلهم

- مهم ان يعرف الاولاد ما يدور حولهم ويفهموه، خاصة وانهم يتابعون الاخبار في التلفزيون مع الاهل، يسمعون حديث الكبار والاولاد الاخرين حول الموضوع. ان محاولة اخفاء الامر عنهم هي امر خاطئ جدا، ومصارحتهم والحديث معهم واجب. فالطفل يعرف أن اهله لا يعملون في الوقت الحالي بسبب الحرب، جزء كبير قد الغى برامجه المعتادة في فصل الصيف ، ولهذا فإن الطفل يدرك تماما أن هنالك تغييرًا قد طرأ في بيئته الآمنة التي كان قد إعتاد عليها. لذلك يجب تفهيم الطفل عما يجري ولكن بشكل فيه تبسيط للمعلومات بحيث تتلائم مع جيلهم. علينا اخبار الطفل باننا نعيش الآن بفترة حرب إن توضيح الصورة للطفل يجعله يشعر بأنه يفهم اسباب هذا التغيير في حياته وبالتالي يجعله اكثر سيطرة على جوانب حياته اليومية.

ما هي الاجيال التي يجب ان نحدّث فيها الاولاد ونصارحهم؟

- الامر غير متعلق بجيل معين، بل بمدى اهتمام الولد واسئلته، لانه يشاهد التلفزيون ويسمع صفارة الانذار فيولد هذا لديه اهتماما وحب استطلاع، علينا هنا ان نوعيّه لما يجري ونجيب على احتياجاته من خلال الاجابه على اسئلته. ولكن من المهم ان انوه هنا ان هذا لا يعني ان نأخذ الطفل خلال لعبه ونقول له "تعال لأحدثك عن الحرب"، إنما علينا أن نكون جاهزين للاجابة عن اسئلته عندما يريد ذلك.

يتحدث الاهل عن تغيير في تصرفات الاولاد، ماذا يعني ذلك؟

- لا شك ان فترة الحرب هذه تعتبر أزمة. وفي الأزمات مثل الموت أو الفقدان لا بد ان نلاحظ سلوكيات غريبة قد تطرأ على الأولاد مثل الخوف، النوم بجانب الاهل، تبوّل ليلي لا ارادي، تغيير في عادات اللعب، عنف اكثر وغيرها من السلوكيات التي لم تكن تميز الاولاد قبل الحرب. وكلما كان الاولاد اقرب الى منطقة الخطر تتغير سلوكياتهم اكثر ويشعرون اكثر بعدم قدرتهم بالسيطرة على الوضع، من ناحية اخرى نجد ان هناك اولادا يتعاملون مع الازمة بنوع من عدم الاكتراث ومحاولة الهرب من الواقع. إن جميع هذه السلوكيات المذكورة من أنواع ردود الفعل التي من خلالها يقول الولد "أنا بحاجة اليك بجانبي لانني احس بالخوف من هذا الوضع".

هناك من الاولاد من يبالغون برد فعلهم.

- صحيح هناك من الاولاد من يبكون بكاء شديدا، ومنهم من يبقى "ملتصقا" بالام، منهم من يبدو عليه الرعب، في هذه الحالات مفضل استشارة اخصائي وليس شرطا ان يكون هذا الولد بحاجة الى علاج انما يتوجب على الاهل تلقّي بعض النصائح للتعامل معه.

كيف يجب ان يكون رد فعل الاهل عند الحديث مع اولادهم؟

على الاهل ان يشرحوا الامر بهدوء وليس بحالة من الخوف

-رد فعل الاهل له التاثير الاكبر على الاولاد، مهم جدا ان يشرحوا الامر بهدوء وليس بحالة من الخوف، يجب على الام مثلا ان لا تظهر خوفها الشديد امام الاولاد لان ذلك سيزيد من خوفهم. فاذا كان الامر كذلك فمن المفضل ان يتولى الاب مهمة الشرح لهم والحديث معهم. البيئة تعطي الاولاد الشعور بالامان او عدمه، ومن المهم ايضا ان لا نقول لاولادنا ان الوضع عادي ولا شيء يدعو للقلق او الخوف.

من ناحية أخرى عندما نشرح للولد عما يدور علينا أيضا ان نخبره ما هي الخطوات التي يجب ان يتبعها عندما نسمع صفارة الانذار. الهدف الاّ يشعر بأنه عاجز ولا يستطيع عمل شيء. إن هذا العجز يجعله يحس بالخوف من الخطر الدائم أما عندما نشرح له التفاصيل والخطوات المطلوبة فهذا يجعله يشعر بأنه يتحكم بحياته ثانيةّ.

الى أي مدى علينا ان نتيح للاولاد مجالا التعبير عن انفسهم؟

- من أهم الامور في هذا الوضع ان نعطي اولادنا فرصة للتعبير عن مشاعرهم، الكبار عادة يلجأون للكلام اما الصغار فلديهم طرق اخرى للتعبير..ممكن ان يعبر الولد عن مشاعره بالرسم، او صنع اشكال من المعجون او الطين، او العاب تجسد ادوار الاطراف المشاركة في الحرب، وهذا ما يسمى اللعب الرمزي أي ان الاولاد يتقمصون ادوار الجنود مثلا وبذلك يعبرون عن رغبتهم في البقاء وقدرتهم على السيطرة، وعلى الاهل عدم منع الولد من لعب أي دور..

والتعبير الكلامي?

- كلما كان لدى الولد قدرة اكبر على الكلام والحوار يمكننا ان نتحدث اليه اكثر، ونلاحظ لدى هؤلاء طريقة الحديث المشحونة بالغضب والتذمر وهذا جزء من التعبير عن المشاعر. وفي هذه الحالة على الاهل الصبر وتفهم الاولاد والاستماع اليهم حتى يتمكنوا من مساعدتهم.

هل يجب ان يكون هناك تقارب اكثر مع العائلة في هذه الفترة؟

- إن الشيء الذي يساعد الانسان عامة في تخطي الازمات هو وجوده مع اشخاص آخرين يحبهم ويثق بهم. فاحساسنا في هذه الفترة بأننا "معا" يسبب تقارب بين الاهل والجيران لان ذلك يعطي شعورا بالقوة والقدرة على التغلب على الازمة وليس فقط بهدف التسلية..الاهل الان لا يستطيعون ترك الاولاد كما كان في السابق بل على العكس عليهم ان يتقربوا منهم اكثر، ان يدخلوا معهم الى الغرف الامنة وان يقوموا باللعب معهم وتنفيذ الفعاليات المختلفة خاصة من يقضون اوقات طويلة في الملاجئ.

ما هي الأفكار التي تدور في ذهن الأطفال في هذه الفترة؟

- يعرف الاولاد ان الموت من نصيب كبار السن وعندما يرون في نشرات الاخبار صورا لاولاد صغار موتى فانهم يتساءلون، وتختلط عليهم الامور ويفكرون بانفسهم وكيف يمكن ان يحدث هذا لهم ايضا.أو أن نرى الجندي الذي يتسبب في قتل الاطفال بينما يتعلم الولد ان الجندي يساعد ويدافع عن الاولاد وهكذا يدخل الولد في بلبلة كبيرة.

ما هي الفعاليات التي تنصحين بها؟

يمكن للاهل ان يشاركوا الاولاد في لعبهم وقضاء الوقت في العاب عائلية تهدف الى اعطاء شعور بالدعم والمحبة

- بشكل اساسي على الاهل ان يضعوا مجموعة العاب في الغرفة الامنة كي تعطي شعورا بالامان للاولاد وكانهم في غرفة عادية، أما بخصوص الاجيال الصغيرة والتي تتميز عادة بالمداومة على حمل دمية او اللعب بلعبة معينة مثل دب يجب ان نحرص على أن تكون هذه اللعبة ايضا مع الطفل.

اذا كان الاولاد سيقضون ساعات طويلة في الملجا فيجب ان تتوفر اوراق الرسم والالوان او الدهان، كما يمكن للاهل ان يشاركوا الاولاد في لعبهم وقضاء الوقت في العاب عائلية تهدف الى اعطاء شعور بالدعم والمحبة، يمكن ان تلعب العائلة باوراق اللعب (الشدة)، مراجعة ذكريات عائلية، مشاهدة البومات او افلام فيديو عائلية، مشاهدة افلام كوميدية او القاء النكت..بالاضافة الى ذلك من المفضل قراءة القصص المسلية ومحاولة تمثيلها ..

كم هي الفترة التي سيبقى فيها تاثير هذه الازمة على الاولاد؟

- من المفروض ان يتخلص الاولاد من الشعور السيء والخوف بعد انتهاء الحرب بايام قليلة، يمكن ان يعودوا الى اسلوب الحياة الطبيعية بعد ايام او اسابيع، لكن اذا تعدّى الامر مدة الشهر فعلى الاهل التوجة الى تلقي الاستشارة من المختصين. مسموح طبعا ان يبدي الولد خوفه لان الامور في الحياة متغيرة والاولاد يحتاجون الى بعض الوقت كي يستطيعوا التأقلم مع هذه المتغيرات، ونحن ككبار نعرف معنى كلمة "اتفاقية" او "حل الازمة" لكن الاولاد لا يفهمون هذه المصطلحات مثلنا.

من سؤالنا للاهل قال عدد كبير منهم ان الاولاد يخافون من نشرات الاخبار، صوت صفارة الانذار وصوت الالعاب النارية، كيف تفسرين هذه المخاوف؟

- بالنسبة للاخبار فالخوف منها سببه المشاهد المروعة التي تبث وهذا طبيعي جدا، اما بالنسبة للاصوات فالامر مقسم الى قسمين، الاول: ان هناك اولادا يعانون من حساسية زائدة للاصوات العالية ومنهم من يخاف صوت المفرقعات وصفارة سيارة الاسعاف والشرطة بشكل عام وليس فقط في فترة الحرب..والثاني: ان حالة الترقب والخوف لدى الاولاد تجعل حواسهم اكثر تيقظا واكثر حدة.

ما هي النصائح التي يمكن ان تقديميها للاهل في هذه الفترة؟

1- انصح الاهل بعدم الادمان على مشاهدة الاخبار ومحاولة التغيير عن طريق مشاهدة برامج اخرى عند وجود الاولاد، لان المبالغة في مشاهدة الاخبار يمكن ان تعود بنتائج سلبية على الاولاد.

2- الحياة اليومية يجب ان لا تتوقف، وانا لا اعني التجول في البلدات التي تقع في منطقة الخطر، لكن زيارة الاقارب والاصدقاء في مناطق آمنة يجب ان تستمر خاصة في ظل الغاء المخيمات الصيفية.

3- الاخذ بعين الاعتبار حاجة الاولاد الى برامجهم التلفزيونية المفضلة ومهم ان يبقى الاولاد متابعين لبرامجهم من رسوم متحركة او اغاني او افلام.

4- مهم ايضا عدم انكار الحقيقة وكأن الوضع اعتياديا، لكن يجب ان نتحدث عن ذلك بشكل مبسط لا يبعث الهلع في قلوب الاولاد.

5- كما أنصح بالتوجه الى اختصاصي نفسي في حالة وجود ردود فعل مبالغ بها كمن يمتنع عن الاكل لفترة طويلة أو البكاء المستمر دون توقف.

6- واخيرًا من المفضل إعطاء الطفل مهام وخطوات يقوم بها حتى يشعر بعدم العجز وإخراجه من إحساسه بالإحباط. مثلاً كتابة رسائل يعبرون فيها عن مشاعر إستياء أو تذمر يرسلونها إلى المسؤولين، أو إرسال رسائل أخرى يعبروا فيها عن تعاطف للمصابين إن كان من الجانب الإسرائيلي أو اللبناني.