باستخدامك موقع شايف نت تكون موافق على سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع
من أين استمدت العمامة قدسيتها؟
13/04/2009

العمامة فن الصباح الصعيدي الذي تلزمه أدوات خمس هي رأس ووجه ومرآة ويد وقطعة قماش لإبداع وجه جنوبي يتآلف مع الحياة يلفها الجنوبي علي رأسه في الصباح كي تشهد معه عناء اليوم ولا يريحها من علي رأسه إلا حين ينام.

 أرني عمامتك وكيف تلفها
 أقل لك من أي منطقة أنت

المسافة التي تقطعها اليد في لف البناء الهندسي للعمامة مسافة مقدسة لا يقطعها صخب الأطفال أو مطالبة زوجة بمصروف يومي فلا خروج من البيت حتي يتم الجنوبي لف عمامة ارتداها الرسول وحافظت علي موروثها القبائل العربية كرمز خالد.

ولكن من أين استمدت العمامة قدسيتها وكيف نصل إلي عمق وجودها علي الرأس الصعيدي؟ وهل بناؤها الهندسي له جذور مكانية؟.. الواقع يشير إلي مقولة "أرني عمامتك وكيف تلفها أقل لك من أي منطقة أنت"، فلكل منطقة في الصعيد عمامة معينة تراعي جغرافية المكان مثلما تراعي الموروث القبلي الذي تعتنقه القبائل الصعيدية.

تختلف العمامة الأسوانية عن العمامة القوصية "القنائية"، فالأولي تستمد موروثها من قبائل العبابدة والبشارية والعقيلات، وهي قريبة الشبه من العمامة السودانية، حيث يبدو الإنسان وهو مرتدٍ العمامة وكأنه يحمل كفنه فوق رأسه"، والعمامة الأسوانية تمتاز بالطول مثلما تمتاز ببناء مختلف في اللفة فأقل عمامة في أسوان يصل طول قماشها إلي 3 أمتار، بينما اللفة تختلف في نوعية التعامل مع القماش، أو كما قال لنا الخياط ماهر عبد الفتاح "إن الأسواني حين يلف العمامة يجعلها طبقات فوق بعضها مما يجعل شكلها الخارجي عبارة عن دوائر ملفوفة حول الرأس بإتقان، وحرارة الجو المرتفعة تجعل العمامة بهذه الضخامة في المنطقة الجنوبية من المحافظة، أما المنطقة الشمالية فلا ضخامة في لف العمامة، ولكن يوجد بناء هندسي مختلف يأخذ غالبا لفة تقترب من العمامة الصعيدية المعروفة.

ربما لأن مدينة قوص كانت العاصمة الثانية لمصر بعد الإسكندرية في العصور الوسطي لذلك كان لعمتها الشيوع رغم أن قوص تتبع إداريا محافظة قنا، والعمامة القوصية أقل في طول القماش من الأسوانية ويصل طولها إلي 2 متر، ولها نوعان مختلفان في الشكل كما قال لنا جمال العليقي من قبيلة العليقات "هناك نوعان معروفان في لف العمامة القوصية، والأكثر شيوعا النوع الأول حيث تكون العمامة ملفوفة علي شكل العدد سبعة كطبقات مفردة، والنوع الثاني تكون العمامة فيها علي شكل جانب من القماش أعلي وجانب أقل علي الجهة اليسري".

 العمامة كانت سببا في خصومات ثأرية شهيرة

وهناك العمامة التي يرتديها المتصوفة، وعامة تقترب من بعضها فالعمامة الإدريسية التي يرتديها الأدارسة بمحافظة أسوان ومركز إسنا قريبة الشبة من العمامة الدندراوية التي ترتديها قبائل الإمارة بدندرة في قنا ويرتديها أكثر من 7 ملايين شخص في العالم من منسوبي الدندراوية، وتمتاز بأنها إشارة للفكر السلفي، والعمامة عندهم تسمي "عدبة" وتأخذ شكل العدد سبعة مع زيادة الذيل الذي يرخيه الدندراوي علي رقبته.

وتوجد بعض لفات من العمامة لا تقترب من الشكل الهندسي والبنائي المعقد الذي تصير علي نهجه العمامات الأسوانية والقوصية والدندرواية، ومنها العمامة التي يتم لفها كدائرة بسيطة علي الرأس، كما أن بعض طوائف الحرف في الجنوب لها طريقة في لف العمامة ومنها طوائف "الجمالة" تجار الإبل والعمامة عندهم ملفوفة علي هيئة عقال.

وتملك العمامة مكانة مهمة في المعتقدات الشعبية لأهل الجنوب، فالعمامة عادة تحتفل بالرقم المقدس 7 في لفها، وملابس القتيل ومنها عمامته تورّث لأبنائه لتذكرهم أن عليهم دينا لابد أن يقضوه بحسب قوانين الثأر التي تبدأ أحيانا بإهانة العمامة التي كانت سببا في خصومات ثأرية شهيرة.

وتبدو العمامة دائما رمز الرزانة والرجولة عند الصعايدة، فالأطفال لا يلبسون العمامة لأنهم لا يقدرون ماذا تعني قطعة قماش بيضاء فوق رؤوسهم، وكذلك النساء، أما في أغاني العشق فتبدو الأغنية الأكثر شيوعا تلك الأغنية التي تقدمها أنثي عاشقة لرجل يبدو وسيما في عمامته "صعيدي ولف العمة قيراطين مولّع في قلبي نارين". البديل.