باستخدامك موقع شايف نت تكون موافق على سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع
عقاقير فتاكة استُخدمت قديما كأدوية طبية: الكوكايين لعلاج الأرق والهيروين لتهدئة الأطفال!
08/06/2023

فيما يتعلق بالطب والعلوم الحديثة للصحة والعلاج، من الصعب مواكبة الجديد ومعرفة آخر المعلومات حول كل عملية أو عقار يتم اعتماده لعلاج البشر. ففي يوم من الأيام قد يكون هناك شيء مفيد لك ويجب تناوله، وفي اليوم التالي يكون مميتاً ويجب تجنبه بسبب اكتشاف آثار جانبية خطيرة لاستخدامه.

لذا قديماً، وعبر عقود طويلة من الزمان، تم استخدام الكثير من الأدوية المسببة للإدمان مثل الهيروين، ووصفت للأطفال لعلاج السعال، وكان العلاج بالصدمة الكهربائية علاجاً مستخدماً لفترة طويلة للعجز الجنسي، وتم توزيع حبوب الحمية "المعجزة" مثل الحلوى، قبل أن يتم اعتبارها لاحقاً غاية في الخطورة على الصحة. فيما يلي نستعرض أكثر العلاجات الخطيرة التي أوصى بها الأطباء قديماً قبل أن يتوصل العلم إلى معرفة مخاطرها على الصحة وحتى تهديدها للحياة!

الكوكايين لعلاج الأرق والصداع!

في حوالي منتصف ثمانينات القرن الـ19، تمكن العلماء من عزل المكون النشط لأوراق إريثروكسيلون كوكا، والمعروف فيما بعد باسم الكوكايين. وبدأت شركات الأدوية في تصنيع هذا المنشط الجديد سريع المفعول وغير المكلف نسبياً. ففي عام 1884، اكتشف طبيب العيون النمساوي، كارل كولر، أن بضع قطرات من محلول الكوكايين التي توضع على قرنية المريض كانت تعمل بمثابة مخدر موضعي. فهو يجعل العين غير قادرة على الحركة وغير حساسة للألم، ويسبب نزيفاً أقل في موقع الشق، مما يجعل جراحة العين أقل خطورة بكثير.

انتشرت أخبار هذا الاكتشاف كالنار في الهشيم، وسرعان ما تم استخدام الكوكايين في جراحات العين والجيوب الأنفية. ثم تم تسويقه كعلاج لآلام الأسنان والاكتئاب والتهاب الجيوب الأنفية والخمول وإدمان الكحول وحتى العجز الجنسي، وسرعان ما تم بيع الكوكايين كمنشط وكدواء للتحفيز والانتعاش، بل في السجائر أيضاً.

ووصل الأمر برواج الكوكايين حتى إن إعلاناته ظهرت في المجلات. فكان يمكن شراء العلاجات المنزلية الشائعة، مثل أقراص الكوكايين، مقابل 50 سنتاً فقط للعلبة وبدون وصفة طبية. راج الكوكايين بين مختلف الفئات العمرية والصحية في تلك الفترة، خاصة أنه وفر الراحة والتسكين لكل شيء بدءاً من حمى القش ونزلات البرد ومشاكل الحلق والعصبية والصداع والأرق والتغيرات المزاجية.

لكن سرعان ما تسببت الآثار الجانبية للكوكايين في العديد من الأمراض التي ادعى علاجها في المقام الأول، مما تسبب في تفشي قلة النوم ومشاكل الأكل والاكتئاب وحتى الهلوسة. لم يكن حتى العام 1914 عندما تم التأكد من تأثيره الإدماني وتداعياته الصحية الخطيرة، فحظر قانون هاريسون للمخدرات إنتاج واستيراد وتوزيع الكوكايين في الولايات المتحدة، ومنه في مختلف الدول التي تبعت هذه الصيحة.

الهيروين لعلاج نوبات سعال الأطفال

في أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر أيضاً، تم تقديم الهيروين كبديل آمن وغير مسبب للإدمان للمورفين. كان يُعرف آنذاك باسم ديامورفين، وقد تم إنشاؤه بواسطة باحث كيميائي إنجليزي يُدعى سي آر ألدر رايت في سبعينيات القرن التاسع عشر، ولكن لم يتم طرح العقار إلا في عام 1895.

واعتقدوا آنذاك فاعلية العقار الجديد الأفضل بخمس مرات -ومن المفترض أنها أقل إدماناً- من المورفين، وبدأت الشركات في الإعلان عن الأسبرين الممزوج بالهيروين في عام 1898، والذي تم تسويقه للأطفال الذين يعانون من التهاب الحلق والسعال والبرد. وقد صورت بعض الزجاجات الأطفال وهم يسعون بشغف للحصول على الدواء.

ثم بدأ الأطباء في إدراك أن الهيروين قد يكون مسبباً للإدمان هو الآخر، عندما بدأ المرضى في العودة للحصول على المزيد بشكل هستيري. وبالرغم من رفض الأطباء للعقار، وتزايد نشر القصص السلبية عن الآثار الجانبية للهيروين، استمرت شركة باير للعقارات في تسويق منتجها حتى عام 1913. وبعد 11 عاماً كاملة، حظرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الهيروين تماماً.

حبوب التخسيس المسببة لتلف القلب

تُقدر تجارة منتجات إنقاص الوزن اليوم بنحو 60 مليار دولار سنوياً، يتم إنفاق جزء كبير منها على حبوب الحمية والتخسيس. تم طرح أول حبوب تعد بالتخسيس عن طريق تفتيت الدهون في السوق في أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر، لكن التجارة راجت بشكل واسع أكثر في التسعينيات.

ثم في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، تم المزج بين عقارين لم يحققا نجاحاً يُذكر في التخسيس، في عقار واعد أصبح يُعرف باسم "فين بن" (Fen-Phen). تم إنتاج العقار بعد دراسة واحدة فقط تمت على 121 مريضاً على مدار أربع سنوات لا غير. المرضى الذين خضعوا للاختبار كان ثلثاهم من النساء، وبالفعل فقدوا أكثر من 13 كيلوغراماً في المتوسط مع عدم وجود آثار جانبية تُذكر حينها.

لكن الدراسة أغفلت متابعة الآثار الجانبية على عضو غاية في الأهمية، وهو القلب. لذا تم طرح الدواء المعجزة لأول مرة في السوق في عام 1992، وحقق رواجاً ونجاحاً واسعاً. بحلول عام 1996، وافقت إدارة الغذاء والدواء على الدواء، لكن بعد تجربة مدتها عام واحد. بعد الاعتماد، انتشر استخدام العقار بشكل وطني في أمريكا، فتوالت الأنباء فجأة عن سلسلة من الآثار الجانبية الخطيرة.

بحسب مجلة "مايو كلينيك" (Mayo Clinic) أصيبت 24 امرأة تناولن حبوب تخسيس (fen-phen) بتشوهات خطيرة في صمام القلب. ثم ما لبث أن تم الإبلاغ عن مئات الحالات الأخرى، وبحلول سبتمبر 1997 كانت إدارة الغذاء والدواء قد سحبت عقار التخسيس رسمياً. تلاها رفع دعاوى قضائية بملايين الدولارات على الشركة لصالح المتضررين.

شراب المورفين المهديء لآلام التسنين!

في عام 1849، أطلقت السيدة شارلوت ن. وينسلو شرابها المهدئ في ولاية مين الأمريكية. كان المشروب "كوكتيل" من المواد الخطيرة، وجمع بين مكونات مثل كربونات الصوديوم والأمونيا المائية، ونحو 65 ملغ من المورفين لكل 30 مل سائل. تم الإعلان عن الشراب على أنه يوفر الراحة للأطفال الذين كانوا في مرحلة التسنين لتهدئة الألم والآثار الجانبية، وكتبت إحدى الأمهات لصحيفة نيويورك تايمز تدعي أن تأثيره على ابنها كان "مثل السحر؛ إذ سرعان ما ذهب إلى النوم، واختفى كل الألم والعصبية".

الحقيقة أن الأطفال تعرضوا لخطر النوم بشكل دائم بسبب الدواء المزعوم نتيجة تناول جرعة زائدة من المورفين، ولم يستيقظ الكثيرون منهم بعدها أبداً.  وبالرغم من أن الجمعية الطبية الأمريكية قد حظرت الشراب باعتباره "قاتل أطفال" في العام 1911، على الرغم من أنه ظل معروضاً في الكثير من الأسواق في حتى عام 1930.

شراب الكلوروفورم لعلاج السعال

تم تسويق شراب كيمبال بالصنوبر والقطران وهو يحتوي على أربعة أجزاء من الكلوروفورم، كدواء مهدئ فعال لأعراض البرد والتهاب الشعب الهوائية. وفي بدايات العام 1847، كان يتم استخدام الكلوروفورم لتخفيف أعراض الربو وكمخدر عام. ولكن على الرغم من الترحيب بالعقار كبديل جيد لثنائي إيثيل الأثير، المعروف باسم "الأثير"، ظهرت حالات توقف القلب أو الجهاز التنفسي القاتل.

مات العديد من المرضى بعد استنشاق العقار، مما دفع الأطباء للعودة إلى استخدام الأثير المسبب للإدمان والآثار الجانبية الخطيرة. وعلى الرغم من ذلك، تواصل الكلوروفورم يستخدم في غسولات الفم والمراهم حتى عقود قريبة. في نهاية المطاف، في عام 1976، حظرت إدارة الأدوية الفيدرالية استخدام الكلوروفورم للاستهلاك البشري بعد أن تبين أن المادة تسبب السرطان.